المقالات

أهمية دمج التقنية في التعليم

مقدمة

       التقنيات الحديثة والثورة المعلوماتية جعلت من الضروري اتخاذ القرارات السليمة لمواكبة هذه التطورات والاستجابة السريعة لمتطلبات الحياة, ولهذا فإن معظم المجالات بفروعها تعمل على اقتناء التقنية والتعامل معها للنهوض بمستوى متقدم من التطور في مجال عملها.

       لاسيما أن مجال التعليم من أهم المجالات التي يجب أن تهتم بدمج التقنية في بيئتها التعليمية وذلك لأنها الأساس التي تركن عليها المجالات الأخرى, وكذلك لأنه أصبح من السهل على الجميع اقتناء التقنية من معلمين وطلبة وأولياء أمور ونحوه.

       دمج التقنية في التعليم يعتبر جوهر الإصلاح التربوي المعتمد على التقنية التي يهدف إلى تعليم المتعلم, و إكسابه العديد من المهارات بطرق مختلفة تحاكي جميع حواس المتعلم مما يجعل من السهل بقاء أثر التعلم.

       لذلك ستطرح في هذه الورقة البحثية مفهوم دمج التقنية في العملية التعليمية, والأسس النظرية والفلسفية لدمج التقنية, ومتطلباته, وأهدافه, وأهميته ومبرراته في التعليم.

مفهوم دمج التقنية في التعليم

       عرف”المنتدى الوطني لإحصاءات التعليم (2005) ” (National Forum on Education Statistics (2005)) دمج التقنية على أنه ” إدماج الموارد التقنية والممارسات القائمة على التقنية في الروتين اليومي، للعمل، وللإدارة في المدارس” .

وعرفته الكاتبة بأنه ربط التقنيات الحديثة (كالوسائط المتعددة، الانترنت، برامج الحاسبات، الخ)في المحتوى الدراسي لمنح عمليتي التعليم والتعلم بعداً إضافياً بهدف رفع مستوى التحصيل الدراسي من خلال استغلال تقنية المعلومات بما توفره من أدوات جديدة للتعلم والتعليم .

       إن توافر التقنية وإستخدامها في المدارس تساهم في جعل المتعلم متعلماً نشطاً وفعّالاً وباحثاً عن المعلومة, ومدركاً لأهمية التعلم, وقادراً على اكتساب مهارات حل المشكلات, والاستقصاء, والتواصل, والتنوع.

بالرغم من أن الصورة النموذجية للمدرسة اليوم مخيبة للآمال بعض الشي, حيث أن الكثير من إمكانات التقنية التعليمية غير مستغل بشكل جيد وعلى كل حال تحاول بعض المدارس تغيير ذلك.

الأسس النظرية والفلسفية لدمج التقنية في التعليم

       يعتمد نجاح عملية دمج التقنية في التعليم على مجموعة من الأسس النظرية والفلسفية يمكن إنجازها في النقاط التالية كما ذكرها (المرادني; إبراهيم):

1)    إعداد قيادة تربوية مهنية فاعلة قادرة على قيادة التغيير والتخطيط الإستراتيجي.

2)    تعزيز ثقافة مؤسسية داعمة للتغيير والتطوير والتجديد والإبداع.

3)    بناء علاقات شراكة فاعلة مع البيئة الخارجية.

4)    توظيف تكنولوجيا المعلومات والإتصالات بفاعلية.

5)    تنمية كفايات الإتصال والتفاوض وحل المشكلات للعنصر البشري بالمنظومة التعليمية.

6)    تنويع مصادر المعرفة والمعلومات, وتقديمها بأساليب تقنية متطورة متعددة الوسائط.

7)    اعتماد تعلم تفاعلي لمتعلم نشط باعتباره محور العملية التعليمية التعلمية.

8)    تيسير تفاعلات المتعلمين, والتوظيف الفاعل لأنشطتهم الصفية واللاصفية.

9)    تنمية روح الفريق والقيادة من خلال التعاون والمشاركة.

10)  إتاحة فرص الابتكار والإبداع بتنمية مهارات التفكير المنهجي والإبداعي.

أهداف دمج التقنية في التعليم

       التعليم في الماضي وهو ما يسمى بالتعليم التقليدي كان مجرد أن المعلم يلقن الطالب المعلومة, والطالب عليه أن يكون كالوعاء يخزن المعلومات لكي يسترجعها وقت الاختبارات.

  لكن الآن الطالب أصبح محور العملية التعليمية, يتعلم ويبحث ويناقش ويستكشف ويتوصل إلى المعلومة بنفسه, مما يجعله نشط متفاعل في بيئته التعليمية, مدركاً أهمية العلم والتعلم, والمعلم يعمل كموجه ومرشد للطالب.

ومن هذا المنطلق جاءت طرق واستراتيجيات تعمل على إثارة حماس المتعلم للتعلم, وتجعل للتعلم معنى تساعده على التعايش مع الحياة الواقعية والأكاديمية, ومن هذه الطرق دمج التقنية في التعليم التي من أهدافها الآتي:

  1. بناء مهارات التفكير الإبداعي لدى المتعلم.
  2. إشعار المتعلم بأنه المسئول عن التعلم, وترسيخ مبدأ التعلم طوال الحياة.
  3. إكساب المتعلم مهارات تعلم التقنيات الحديثة.
  4. تمكين المتعلم من عمليات البحث والنقد والاستكشاف العلمي.
  5. تنوع في إيصال المعلومات لدى المتعلم بتعدد طرق واستراتيجيات التدريس.
  6. إدخال جو من النشاط والتفاعل في البيئة التعليمية.
  7. إدخال عنصري التنوع و التشويق إلى العملية التعليمية.

متطلبات دمج التقنية في التعليم

       دمج التقنية الفعّال يؤدي إلى تعميق وتعزيز عملية التعلم لدى الطلاب, وهناك عدة عناصر لنجاح إدخال التقنية في العملية التعليمية:

  1. تمكٌّن المعلم من استخدام التقنية وإدارتها مع طلابه.
  2. معرفة الطلاب بالتقنية المستخدمة وقدرتهم على التفاعل معها, وحرص المعلم على إيضاح كل ما هو صعب بالنسبة اليهم.
  3. توفير البنية التحتية من الأجهزة الحاسوبية والإنترنت والبرامج المطلوبة.

       التعليم منظومة كبيرة تسعى بمجملها لإكساب المتعلم المعارف والمهارات اللازمة, وبالأخص المعلم, فالمعلم المتميز المحب لعمله الإنساني هو الذي يسعى لتتبع التقنيات التعليمية الحديثة التي من الممكن دمجها في شرح أحد المناهج الدراسية, أو الوحدات الدراسية أو درس بعينه, فالدمج هو أحد استراتيجيات التدريس التي يمكن أن يستخدمها المعلم لإيصال المفهوم أو تعليم المهارة. وننوه أن بعض الدروس لا تقبل الدمج (أي لا تحتاج إلى دمج تقنية) بل تتطلب نشاطات أخرى: كالتطبيق العملي، النقاش الجماعي، أو المشاهدة (Observation).

لذلك يجب على المعلم أن يسأل نفسه عند دمجه للتقنية في الدروس عدة أسئلة:

  • هل دمج التقنية في الدرس سيساعد الطلاب على فهم المواد بشكل أكبر؟
  • هل سيكسب الطلاب الفهم اللازم بطريقة أسرع وأكثر كفاءة؟
  • هل سينقل المعلومات الجديدة بشكل أكبر؟

أهمية دمج التقنية في التعليم

       أدركت وزارة التعليم الآثار الايجابية التي أثبتتها البحوث والدراسات من جدوى وفاعلية دمج التقنية في العملية التعليمية وانعكاسها في جودة المخرجات التعليمية واكتسابهم المهارات والخبرات والمعارف بشكل أكثر فاعلية وتطوراً, ومن هذه الدراسات دراسة (العريشي, والعطاس, 2012) حيث يُرجعا فعالية استخدام التقنية في العملية التعليمية إلى أسباب عدة أهمها أنها طريقة شيقة وممتعة تلقى قبولاً ورواجاً لدى الطلاب.

لذلك تكمن أهمية دمج التقنية في التعليم بشكل عام كالتالي: (استيتية & سرحان, 2007)

  1. تحسين نوعية التعليم وزيادة فاعليته.
  2. حل مشكلات ازدحام الفصول وقاعات المحاضرات, فمن الملاحظ من مراجعة الكتب الإحصائية عن التعليم أن الإقبال على التعليم في البلدان النامية-وبشكل خاص في البلدان العربية-يزداد باطراد, مما يزيد الضغط على التعليم.
  3. مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب في مختلف الفصول الدراسية.
  4. المساعدة في توفير فرصة للخبرات الحسية بشكل أقرب ما يكون الى الخبرات الواقعية. فالوسائل التعليمية وتكنولوجيا التعليم تعمل على توفير خبرات واقعية أو بديلة, وتقرب الواقع على أذهان الطلاب لتحسين مستوى التعليم.
  5. استخدام مجموعة من الوسائل في الموقف التعليمي التعلمي, وتوظيفها بشكل متكامل يعمل على توفير تعلم أعمق وأكبر أثراً ويبقى زمناً أطول. وقد أثبتت التجارب أنه كلما اشتركت حواس أكثر في عملية التعليم والتعلم كان المردود من المعرفة والخبرة أكبر.

لذلك يجب أن تكون سياسة التعليم داعمة وقوية في تشجيع المتعلمين على الاستفادة من التقنية, وإعداد طلاب يتحلون بمهارات القرن الواحد والعشرين.

مبررات دمج التقنية في التعليم

تنفق الدول المتقدمة المليارات من الدولارات على دمج التقنية في التعليم, وذلك لإثارة خيال الطالب وزيادة تعزيز التعلم وتيسير اكتساب مهارات التفكير العليا لدى المتعلم, مثل التحليل والتفسير والتقويم والتعميم وحل المشكلات والإبداع, وزيادة كفاءة المعلم بحيث تساعد المعلمين على تلبية احتياجات المتعلم وتسهيل إيصال المعلومة للطلاب. ومن المبررات كما ذكرها نيوباي وستبيتش وآخرون(2011):

  • التقنية بإعتبارها وسيلة لمعالجة الصعوبات الموجودة في التدريس والتعلم.
  • التقنية عاملاً للتغيير.
  • التقنية-وسيلةً-للحفاظ على القدرة التنافسية الإقتصادية.

وتشير الأدبيات إلى عدد من الأسباب الهامة لإدماج التقنية:

  • الدمج الفعال للتقنية من الممكن أن يزيد من التعمق في محتوى ومخاطبة القدرات العقلية العليا.
  •  في عصر المعلومات، والتنافس الاقتصادي هناك حاجة جوهرية لمعرفة التقنية وامتلاك مهارتها .
  •  دمج التقنية يزيد من وقت مشاركة الطلاب الأكاديمية.
  •  تطبيق التقنية في سياق حقيقي يزيد من دافعية المتعلم للتعلم.
  • العمل بعمق أكثر مع المحتوى، يجعل الطلاب قادرون على تجاوز المعرفة والفهم لتطبيق وتحليل المعلومات ومن ثم توليدها.
  • يتعلم الطلاب أين وكيف يصلون إلى المعلومات في عالم غني بالمعلومات.
  • مهارات الحاسب الآلي  يجب ألا تدرس منفصلة عن المحتوى.
  • تطبيق الطلاب لمهارات الاستقصاء وحل المشكلات في سياقات أصيلة.
  • دعم الأداء والتواصل مع المؤسسة التعليمية  والبيئة المحيطة بالنسبة للطلاب والمعلمين والإداريين.

البيئة التعليمية التقنية:

       تسهم البيئة التعليمية التقنية في تطوير عمليات التعلم بشكل أفضل وتجعل من التعلم تعلما ذا معنى، والبيئة التعليمية التقنية تحتوى على مجموعة من المكونات التي تختلف باختلاف مستويات دمج التقنية في التعليم، وكذلك مستوى التجهيزات التقنية في الفصل الدراسي، ونشير هنا إلى مجموعة من مكونات البيئة التقنية القياسية:

  1. تحتوي على تجهيزات بيئة تفاعلية, وتوفر مداخل متنوعة لشبكات محلية وعالمية, وبريد الكتروني, ومجموعات بريدية, والاتصالات من بعد, والاتصال المباشر عبر الانترنت, والأقمار الاصطناعية وتلفزيونات تفاعلية……..إلخ.
  2. تقنيات تساعد على نشر المعلومات والوثائق الكترونيا في صور ووسائل متعددة, مما يوفر تشكيلة معلومات واسعة ومتعددة المصادر والأشكال.
  3. تقنيات تتيح إمكانية استبدال المعلومات بأشكالها المختلفة عند الحاجة إلى ذلك.
  4. تطبيقات لعمليات الاتصال المباشر بين هيئة التدريس والطلاب والإدارة التعليمية والمنزل.
  5. تقنيات تحقق التعلم النشط من خلال المتعة القائمة على الإبداع العلمي والفاعلية, مما يسمح بتنمية الطالب من كافة الجوانب.

وفيما يلي بعض مكونات البيئة التعليمية التقليدية والتقنية:

مكونات البيئة التقليدية مكونات البيئة التقنية
·       الكتب المقررة والمذكرات.

·       كتابة الطالب لنص خطي مباشرة.

·       النماذج و المواد.

·       الملاحظات المباشرة.

·       أفلام تعليمية تبث الواقع.

·       المدرس يلقي المحاضرات.

·       الطالب ينقل للمعلم ما يتعلمه.

·       المصادر الأساسية والمواد المعدة من قبل الطلاب.

·       نصوص الكترونية مرجعية بالوسائط المتعددة.

·       صور الكائنات الافتراضية والتمثيل بالمحاكاة.

·       أدوات الملاحظة والرصد من بعد.

·       عوالم افتراضية تتفاعل مع الواقع.

·       كثير من الأصوات” الخبيرة” في قاعة الفصل.

·       الطالب ينتج دروسا للآخرين.

اظهر المزيد

أ.فالح القحطاني

معلم الحاسب الآلي في مجمع الأمير سعود بن نايف التعليمي المشرف العام على الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى